باب حكم الزكاة و بيان فضلها
عن ابي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال :يا رسول الله دلني علي عمل إذا عملته دخلت الجنة؟
قال: تعبد الله و لا تشرك به شيئا, و تقيم الصلاة, و تؤتي الزكاة المفروضة،و تصوم رمضان
قال: و الذي نفسي بيده لا ازيد علي هذا
فلما ولي النبي صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر إلي رجل من أهل الجنة فلينظر إلي هذا - متفق عليه
(عن ابي هريرة رضي الله عنه: أن أعرابيا) هو ساكن البادية و هذا الأعرابي لعله عبد الله بن الأحزم
باب وجوب صوم رمضان فضلها
و عن ابي هريرة رضي الله عنه قال :صلى الله علية وسلم قال رسول الله قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به , و الصيام جنة, فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب , فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم , والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك , للصائم فرحتان يفرحهما:إذا أفطر فرح و إذا لقي ربه بصومه)) متفق عليه. و هذا لفظ رواية البخاري
في رواية له : (( يترك طعامه و شرابه و شهوته من أجلي, الصيام لي وأنا أجزي به, والحسنة بعشر أمثالها )).
في رواية لمسلم
(كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلي سبعمائة ضعف, قال الله تعالي فأنه لي و أنا اجزي به, يدع شهوته وطعامه من أجلي, للصائم فرحتان : فرحة عند فطره, وفرحه عند لقاء ربه و لخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك)).
(و عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم قال الله عز وجل) : هو من الأحاديث القدسية
(كل عمل ابن آدم) قال الخطابي:أي له فيه حظ و مدخل و ذلك لاطلاع الناس عليه, فهو يتعجل به ثوابا من الناس و يحوز به حظا من الدنيا جاها و تعظيما و نحوهما
(إلا الصيام فإنه لي) أي خالص لي لا يطلع عليه أحد غيري و لا حظ فيه للنفس, و فيه للنفس,و فيه كسرها و تعريض البدن للنقص و الصبر علي حراقة العطش و مضض الجوع
و قال الخطابي :معناه الصوم عبادة خالصة لا يستولي عليها الرياء و السمعة, لأنه عمل بر لا يطلع عليه إلا الله , و هذا كما روى نية المؤمن خير من عمله و ذلك لأن القلب فلا يطلع عليها غير الله تعالي : أي عن النية المنفردة عن العمل خير من عمل خال من النية كما في
لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ
أي ألف شهر ليس فيها ليلة قدر, و قيل معناه: أن الاستغناء عن الطعام و الشراب من صفات الله تعالي, فإنه يطعم و لا يطعم, فكأنه قال:الصائم يتقرب إلي بأمر هو متعلق بصفة من صفاتي , و أن كانت صفات الله تعالي لا يشبهها شئ
(وأنا أجزي به) معناه: مضاعفة الجزاء من غير عدد و لا حساب, لأن تولي الكريم للعطاء يدل علي سعته
(و الصيام جنة) بضم الجيم:أي ترس:أي فيكون مانعا من النار أو من المعاصي كما يمنع الترس من إصابة السهم, لأنه يكسر الشهوة و يضعف القوة
(فإذا كان) أي وجد
(يوم صوم أحدكم فلا يرفث) أي لا يتكلم بالكلام الفاحش
(ولا يصخب) أي لا يكثر لغطه
(فإن سابه أحد)أي سبه
(أو قاتله) أي نازعه أو خاصمه
(فليقل) بقلبه لينزجر
(إني صائم) و قيل بلسانه لينزجر خصمه عنه
(والذي نفس محمد بيده) أي بقدرته أتي به للتأكيد
(فم الصائم) هو مجاز عن تقريب الصوم منه تعالي لأنه جرت عادتنا بتقريب الروائح الطيبة منا فاستعير ذلك للصوم لتقريبه من الله تعالي : أي انه أطيب عند الله من ريح المسك عندكم : أي أنه يقرب عليه تعالي اكثر من تقرب المسك إليكم و قيل المراد أن صاحبه ينال من الثواب ما هو أفضل من ريح المسك
(إذا أفطر فرح) أي لإتمام الصوم و خلوه من المفسدات
(و إذا لقي ربه بصومه)أي بلقاء ربه أو برؤية ثوابه
(يترك طعامه و شرابه و شهوته) من الجماع و مقدماته
(الصيام لي) أي لم يتعبد به لأحد غيري و أن كانت العبادات كلها لله تعالي , و كان الكفار يعظمون معبوداتهم بسجود و صدقة أما بالصيام فلا
(وأنا أجزي به) أي أتولي جزاءه و ذلك دال علي شرفه و عظم جزائه
(والحسنة بعشر أمثالها) هو أقل مراتب التضعيف و يؤيده قوله :
مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا
وقد تضاعف إلى سبعمائة ضعف قال تعالي :
مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ
(يدع شهوته)</B>أي ما تشتاق النفس إليه
(وطعامه)أراد به ما يطعم فتشمل الشراب
(من أجلي) أي بسببي
( للصائم فرحتان :فرحة عند فطره) لتمام عبادته
(وفرحه عند لقاء ربه) بلقائه و رؤية جزيل ثوابه .
و عنه أن رسول الله صلى الله علية وسلم قال: (( من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة , ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد, ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان, ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة
قال أبو بكر رضى الله عنه : بأبي أنت و أمي يا رسول الله ما علي من دعي من تلك الأبواب من ضرورة , فهل يدعي أحد من تلك الأبواب كلها ؟
قال : نعم , و أرجو أن تكون منهم )) متفق عليه.
(وعنه) أي أبي هريرة رضى الله عنه
(صلى الله علية وسلم أن رسول الله قال: من أنفق زوجين) في بعض طرق الحديث
(قيل و ما زوجان؟ قال:فرسان أو عجلان أو بعيران) و قال ابن عرفة:كل شئ قرن بصاحبه فهو زوج و قيل يحتمل أن يكون هذا الحديث في جميع أعمال البر من صلاتين أو صيام يومين أو شفع صدقة بأخرى, و يدل عليه قوله في بقية الحديث (
فمن كان من أهل الصلاة- ومن كان من أهل الصيام),
( في سبيل الله) هو عام في جميع وجوه الخير
, و قيل خاص بالجهاد و الأول أصح و أظهر
(نودي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير) قيل هو أسم :أي ثواب و غبطه, و قيل أفعل تفضيل: أي هذا فيما نعتقد خير لك من غيره من الأبواب لكثره ثوابه و نعيمه فتعال فأدخل منه
(
فمن كان من أهل الصلاة) أي بأن أكثر من التطوع منها بحيث كان الغالب عليه في عمله ذلك, و ليس المراد الوجبات لاستواء الناس فيها
(
ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان) سمي به علي جهة مقابلة العطشان الذي هو الصائم, و إشارة علي أنه يجازي علي عطشه الري الدائم في الجنة التي يدخل إليها من هذا الباب
(
ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة) بقي من أركان الإسلام الحج, ولا شك أن له بابا و أما الثلاثة الباقية من الثمانية فمنها باب الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس, روي أحمد بن حنبل عن الحسن مرسلا
(إن لله بابا في الجنة لا يدخله إلا من عفا عمن ظلمه) و منها الباب الأيمن وهو باب المتوكلين الذي يدخل منه من لا حساب عليه و لا عذاب, و أما الثالث فلعله باب الذكر و يحتمل أن يكون باب العلم, و يحتمل أن يراد بالأبواب التي يدعي منها أبواب من داخل أبواب الجنة الأصلية لأن الأعمال الصالحة أكثر عددا من ثمانية
(
رضى الله عنه قال أبو بكر بأبي أنت و أمي) أي مفدى بهما
(يا رسول الله ما علي من دعي من تلك الأبواب) أي من أحدهما
(من ضرورة) أي نقص ولا خسارة
(فهل يدعي أحد من تلك الأبواب كلها) فيه إشعار بقله من يدعي من كلها و دعاء من تجتمع له تلك الأعمال من كلها تشريف له.وإلا فإنما يدخل من باب واحد, ولعله باب العمل الذي يكون أغلب عليه
(قال : نعم , و أرجو أن تكون منهم) قال العلماء: الرجاء من الله تعالي ومن نبيه
وعن سهل بن سعد رضى الله عنه صلى الله علية وسلم عن النبي قال ((إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل أحد غيرهم, يقال:أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم, فإذا دخلوا أغلق فلا يدخل منه أحد)) - متفق عليه.
(وعن سهل بن سعد رضى الله عنه عن النبي صلى الله علية وسلم قال) قال ابن المنير: أتي بـ(في) دون اللام إشارة إلي أن في الباب من نعيم و الراحة ما في الجنة فيكون ابلغ في التشويق
([b]بابا يقال له الريان) وهو مناسب لجزاء الصائمين كما تقدم .واكتفي بذكر الري عن الشبع لأنه يدل عليه من حيث أنه يستلزمه
(يدخل منه الصائمون) لبيان الواقع إذ دخولها إنما يكون يومئذ, و يحتمل أن يكون احترازا عن دانا اهلى معرفوش يربونى أرواح الشهداء و المؤمنين لها مدة هذا العالم فلا يتقيد بالصائمين
(لا يدخل منه أحد غيرهم) أي في ذلك اليوم .
و عن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله علية وسلم (ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا)) متفق عليه.
(يصوم يوما في سبيل الله) قيل المراد به الجهاد للكفار, وقيل المراد به طاعة الله
(عن النار سبعين خريفا) أي مدة سير سبعين سنة, وكني عنها بالخريف لأنه الطف فصولها لما فيه من اعتدال البرودة و الحرارة , ولأنه يجري فيه الماء في الأغصان.
باب وجوب فضل تعجيل الفطر
و عن ابي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم قال الله عز وجل:أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا رواه الترمذي, وقال :حديث حسن.
(و عن ابن هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم قال الله عز وجل:أحب عبادي إلي) أي أرضاهم عندي, وأدناهم من جنابه المحب من حبيبه, ولا يخفي إضافة العباد من الإيمان إلي التشريف
(أعجلهم فطرا) وذلك لما فيه من متابعة السنة
وعن سليمان بن عامر الضبي الصحابي رضى الله عنه عن النبي ;صلى الله علية وسلم قال: (( أفطر أحدكم فليفطر علي تمر,فإن لم يجد فليفطر علي ماء فإنه طهور)) رواه أبو داود والترمذي وقال :حديث حسن صحيح. </SPAN>(عن النبي ;صلى الله علية وسلم قال: أفطر أحدكم) أي أراد الفطر
(
فليفطر علي تمر) زاد الترمذي في رواية
(فإنه بركه) : أي إن لم يجد رطبا.
وأخذ من الحديث حصول السنة ولو بواحدة لكن الحديث بعده يومئ إلي أنها بثلاث والحكمة فيه أنه إن وجد في المعدة فضله أزالها وإلا كان غذاء، وأنه يجمع ما تفرق من ضوء البصر بسبب الصوم, وقول الأطباء إنه مضعف للبصر محمول علي الإكثار منه, و رب شئ كثيره مضر وقليله نافع كالسقمونيا
(
فإن لم يجد) التمر بأن لم يسهل تحصيله
(
فليفطر علي ماء) دخل فيه ماء زمزم فلا يعدل إليه إلا عند فقد التمر خلافا لمن قال بتقديمه علي التمر، وإن جمع بينهما فحسن،فإنه مردود، أما الأول فتصادمه السنة, وأما الثاني فللاستدراك عليها, وقد صام مكة أياما عام الفتح, وما نقل عنه أنه خالف عادته من تقديم التمر ولو فعل لنقل
(
فإنه طهور) أي مزيل للخبائث المعنوية و الحسية وما هو كذلك ينبغي إيثاره علي غيره .
باب الذكر في السجود أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا سجد قال اللهم لك سجدت ولك أسلمت وبك آمنت أنت ربي سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين).
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن سليمان بن سحيم عن إبراهيم بن عبد الله بن سعد عن أبيه عن ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (ألا إني نهيت أن أقرأ راكعا وساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم).
أخبرنا الربيع قال أخبرني الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال " أقرب ما يكون العبد من الله عز وجل إذا كان ساجدا ألم تر إلى قوله عز ذكره {واسجد واقترب} يعني افعل واقرب.
[قال الشافعي]: ويشبه ما قال مجاهد، والله تعالى أعلم ما قال وأحب أن يبدأ الرجل في السجود بأن يقول سبحان ربي الأعلى ثلاثا ثم يقول ما حكيت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقوله في سجوده ويجتهد في الدعاء فيه رجاء الإجابة ما لم يكن إماما فيثقل على من خلفه، أو مأموما فيخالف إمامه ويبلغ من هذا إماما ما لم يكن ثقلا ومأموما ما لم يخالف الإمام.
فضل الجماعة والصلاة معهم[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة).
أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا).
[قال الشافعي]: والثلاثة فصاعدا إذا أمهم أحدهم جماعة، وأرجو أن يكون الاثنان يؤم أحدهما الآخر جماعة، ولا أحب لأحد ترك الجماعة ولو صلاها بنسائه، أو رقيقه، أو أمه، أو بعض ولده في بيته وإنما منعني أن أقول صلاة الرجل لا تجوز وحده وهو يقدر على جماعة بحال تفضيل النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة الجماعة على صلاة المنفرد ولم يقل لا تجزئ المنفرد صلاته وإنا قد حفظنا أن قد فاتت رجالا معه الصلاة فصلوا بعلمه منفردين وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا وأن قد فاتت الصلاة في الجماعة قوما فجاءوا المسجد فصلى كل واحد منهم متفردا وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا في المسجد فصلى كل واحد منهم منفردا وإنما كرهوا لئلا يجمعوا في مسجد مرتين ولا بأس أن يخرجوا إلى موضع فيجمعوا فيه وإنما صلاة الجماعة بأن يأتم المصلون برجل فإذا ائتم واحد برجل فهي صلاة جماعة وكلما كثرت الجماعة مع الإمام كان أحب إلي وأقرب إن شاء الله تعالى من الفضل.
ما يؤمر به في ليلة الجمعة، ويومها [قال الشافعي] رحمه الله تعالى: بلغنا عن عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة فإني أبلغ وأسمع) قال، ويضعف فيه الصدقة، وليس مما خلق الله من شيء فيما بين السماء والأرض يعني غير ذي روح إلا وهو ساجد لله تعالى في عشية الخميس ليلة الجمعة فإذا أصبحوا فليس من ذي روح إلا روحه روح في حنجرته مخافة إلى أن تغرب الشمس فإذا غربت الشمس أمنت الدواب، وكل شيء كان فزعا منها غير الثقلين.
[قال الشافعي]: وبلغنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (أقربكم مني في الجنة أكثركم علي صلاة فأكثروا الصلاة علي في الليلة الغراء، واليوم الأزهر).
[قال الشافعي]: يعني، والله تعالى أعلم يوم الجمعة.
[قال الشافعي]: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صفوان بن سليم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (إذا كان يوم الجمعة، وليلة الجمعة فأكثروا الصلاة علي).
[قال الشافعي]: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة).
[قال الشافعي]: وبلغنا أن من قرأ سورة الكهف وقي فتنة الدجال.
[قال الشافعي]: وأحب كثرة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل حال، وأنا في يوم الجمعة، وليلتها أشد استحبابا، وأحب قراءة الكهف ليلة الجمعة، ويومها لما جاء فيها.
ما جاء في فضل الجمعة [قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني موسى بن عبيدة قال: حدثني أبو الأزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة عن عبد الله بن عبيد بن عمير أنه سمع أنس بن مالك يقول (أتى جبريل بمرآة بيضاء فيها وكتة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- ما هذه؟ فقال هذه الجمعة فضلت بها أنت، وأمتك فالناس لكم فيها تبع اليهود، والنصارى، ولكم فيها خير، وفيها ساعة لا يوافقها مؤمن يدعو الله بخير إلا استجيب له، وهو عندنا يوم المزيد فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- يا جبريل، وما يوم المزيد؟ فقال: إن ربك اتخذ في الفردوس، واديا أفيح فيه كثب مسك فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله تبارك وتعالى ما شاء من ملائكته، وحوله منابر من نور عليها مقاعد النبيين، والصديقين، وحف تلك المنابر بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت، والزبرجد عليها الشهداء، والصديقون فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب فيقول الله عز وجل أنا ربكم قد صدقتكم، وعدي فسلوني أعطكم فيقولون ربنا نسألك رضوانك فيقول الله عز وجل قد رضيت عنكم، ولكم ما تمنيتم، ولدي مزيد فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم من الخير، وهو اليوم الذي استوى فيه ربك تبا رك اسمه على العرش، وفيه خلق آدم، وفيه تقوم الساعة)،
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل عن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد عن أبيه عن جده (أن رجلا من الأنصار جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله أخبرنا عن يوم الجمعة ماذا فيه من الخير؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه خمس خلال فيه خلق آدم، وفيه أهبط الله عز وجل آدم عليه السلام إلى الأرض، وفيه توفى الله آدم، وفيه ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئا إلا آتاه الله تعالى إياه ما لم يسأل مأثما أو قطيعة رحم، وفيه تقوم الساعة، وما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض، ولا جبل إلا وهو مشفق من يوم الجمعة).
[قال الشافعي]: أخبرنا مالك بن أنس عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر يوم الجمعة فقال: فيه ساعة لا يوافقها إنسان مسلم، وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه، وأشار النبي -صلى الله عليه وسلم- بيده يقللها).
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق الله تبارك وتعالى آدم عليه السلام، وفيه أهبط، وفيه تيب عليه، وفيه مات وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهي مسيخة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس، وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم يسأل الله عز وجل شيئا إلا أعطاه إياه).
قال أبو هريرة قال عبد الله بن سلام هي آخر ساعة في يوم الجمعة فقلت له: وكيف تكون آخر ساعة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- " لا يصادفها عبد مسلم، وهو يصلي "، وتلك ساعة لا يصلى فيها؟ فقال عبد الله بن سلام: ألم يقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من جلس مجلسا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلي؟) قال: فقلت بلى قال: فهو ذلك.
[قال الشافعي]: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الرحمن بن حرملة عن ابن المسيب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (سيد الأيام يوم الجمعة).
باب ذكر الله عز وجل على غير وضوء [قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن عن نافع عن ابن عمر (أن رجلا مر على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يبول فسلم عليه الرجل فرد عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما جاوزه ناداه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال إنما حملني على الرد عليك خشية أن تذهب فتقول إني سلمت على النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يرد علي فإذا رأيتني على هذه الحال فلا تسلم علي فإنك إن تفعل لا أرد عليك) أخبرنا إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عن الأعرج عن ابن الصمة قال (مررت على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يبول فسلمت عليه فلم يرد علي حتى قام إلى جدار فحته بعصا كانت معه ثم مسح يديه على الجدار فمسح وجهه وذراعيه ثم رد علي) أخبرنا إبراهيم عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذهب إلى بئر جمل لحاجته ثم أقبل فسلم عليه فلم يرد عليه حتى تمسح بجدار ثم رد عليه السلام).
[قال الشافعي]: والحديثان الأولان ثابتان، وبهما نأخذ وفيهما وفي الحديث بعدهما دلائل منه أن السلام اسم من أسماء الله تعالى فإذا رده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل التيمم وبعد التيمم في الحضر والتيمم لا يجزي المرء وهو صحيح في الوقت الذي لا يكون التيمم فيه طهارة للصلاة دل ذلك على أن ذكر الله عز وجل يجوز والمرء غير طاهر للصلاة.
قال: ويشبه - والله تعالى أعلم - أن تكون القراءة غير طاهر كذلك؛ لأنها من ذكر الله تعالى.
قال: ودليل على أنه ينبغي لمن مر على من يبول أو يتغوط أن يكف عن السلام عليه في حالته تلك ودليل على أن رد السلام في تلك الحال مباح؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رد في حالته تلك وعلى أن ترك الرد حتى يفارق تلك الحال ويتيمم مباح ثم يرد وليس ترك الرد معطلا لوجوبه ولكن تأخيره إلى التيمم.
قال: وترك رد السلام إلى التيمم يدل على أن الذكر بعد التيمم اختيارا على الذكر قبله وإن كانا مباحين لرد النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل التيمم وبعده.
قال: فإن ذهب ذاهب إلى أن يقول لما تيمم النبي -صلى الله عليه وسلم- رد السلام؛ لأنه قد جاز له قلنا بالتيمم للجنازة والعيدين إذا أراد الرجل ذلك وخاف فواتهما قلنا والجنازة والعيد صلاة والتيمم لا يجوز في المصر لصلاة فإن زعمت أنهما ذكر جاز العيد بغير تيمم كما جاز في السلام بغير تيمم.
باب فضل الإحسان إلي المملوك
وعن ابي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عاية وسلم قال : ((إذا أتي أحدكم خادمه بطعامه , فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين فإنه ولي علاجه )) رواه البخاري .
وعن ابي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عاية وسلم قال : إذا أتي أحدكم خادمه) يشمل الأجير والرقيق وغيرهما من الخادم بالنفقة من غير عقد إجارة أو علي سبيل التبرع بها .
(
بطعامه , فإن لم يجلسه معه) كما هو الأفضل لما فيه من التواضع وعدم الترفع علي المسلم
(
لقمة أو لقمتين) في المصباح : اللقمة من الخبز
(
أو) شك من الراوي
(فإنه ولي علاجه) [/b]قال في النهاية : أي عمله وقال غيره : أي مزاولته من تحصيل آلاته ووضع القدر علي النار وغير ذلك .
باب فضل السماحة في البيع والشراء
عن جابر رضى الله عنه رسول الله صلى الله علية وسلم قال
(رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى )) رواه البخاري.
(إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى) أي طلب قضاء حقه بسهولة والمراد بالسماحة ترك المضاجرة ونحوهما لا المماكسة في ذلك .
وعن أبي قتادة رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله علية وسلم يقول : (( من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه )) رواه مسلم.
(وعن أبي قتادة رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله علية وسلم يقول من سره) أي أفرحه
(
أن ينجيه الله) أي يجعله ذا نجاه
(
من كرب) وهي غم يأخذ بالنفس لشدته .عن معسر</B>) أي ليؤخر مطالبة الدين عن المدين المعسر , وقيل معناه يفرج عنه
(
أو يضع عنه) أي يحط عنه وهذا مقتبس من قوله تعالي
وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ
وعن ابي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم
( كان رجل يداين الناس , وكان يقول لفتاه : إذا أ
§¤°^°¤§
¤ خد وقتك ¤
§¤°^°¤§
معسرا فتجاوز عنه ، لعل الله أن يتجاوز عنا , فلقي الله فتجاوز عنه )) متفق عليه.
(وعن ابي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم :كان رجل) أي ممن قبلكم
(
وكان يقول لفتاه : إذا أ§¤°^°¤§¤ خد وقتك ¤§¤°^°¤§ معسرا) أي لمطالبة ما عنده
(
فتجاوز عنه) يدخل في التجاوز الإنذار والوضيعة وحسن التقاضي
(
لعل الله أن يتجاوز عنا) فيكون الجزاء من جنس العمل
(
فلقي الله) كناية عن الموت أو لقيه بعده
(
فتجاوز) أي عفا .
وعن ابن هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم
( من أنظر معسرا أو وضع له أظله الله يوم القيامة تحت ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله )) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح.
(وعن ابي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم:من أنظر معسرا) أي أخر مطالبته
(
أو وضع) أي حط
(
له) أي لأجله أو عنه
(
أظله الله) من حر الشمس التي تدنو من العباد قدر ميل
(
الله يوم القيامة تحت ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله) ففيه غاية التشريف وقد تقدم عدة من يظلهم الله تحت ظله وأنها تسعة وثمانون خصلة . </B></B>